جزاء الآخرة، إنما يصل إليها من قوي إيمانه بالله وحسن اتصاله به. وقد
خاطب الله رسوله a بقوله:﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ
اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)﴾(طه) وامتن عليه بقوله:﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى
(5)﴾ (الضحى)
وقال النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً،
وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً)[1]
وأثنى الله تعالى على المؤمنين بقوله:﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)﴾ (المائدة)
قالوا: عرفنا السبب التاسع.. فما السبب العاشر؟
قال: السبب العاشر هو أن المؤمنين – بسبب إيمانهم - أهل حلم وصبر وتواضع وتسامح وحياء:﴿ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا
خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)﴾ (الفرقان)
ولذلك يعرفون بطول الصمت، وتواصل الفكر، وخفض الصوت، والبعد عن الهرج
والصخب والتلاعن.
ويعرفون بالتأني والاتقان والإحسان فيما يعهد إليهم من أعمال.
ويعرفون بالدماثة ولين الطبع والصدق والوفاء والاعتدال في الأخذ من كل
شيء.
وهذا كله يدل على انسجام عناصر النفس والتوافق بين متناقضاتها، وانقيادها
في خضوع وسلاسة لصاحبها وهي أمر لا يوهب إلا للمؤمن.. لأن علاقة المؤمن بماحوله
علاقة متميزة مختلفة.. علاقته بالأمس والغد وعلاقته بالموت.. وعلاقته بالناس..
وعلاقته بعمله ونظرته للأخلاق.