أو صحة أو حاسّة.. بل حتى لمن فقد عزيزًا لديه كان يحسبه سنده الوحيد في
الحياة ويرى الحياة صفرًا يدونه..
ويخاطب أيضًا بهذا المعنى المجتمع المنكسر لضعفه وقوة عدوه أو غلبة
العوائق على طريق تقدمه..
ولست في حاجة إلى التأكيد أن هذا العلاج لا يعني أن ينتشي المنكسر
والمهزوم نفسيًا، فيقعد عن علاج أزماته طالما أنه يحوز إيجابيات عديدة، وإلا لما
شرط الله علوّ المؤمنين في الآية السابقة بالإيمان الذي يقتضي منطقيًا العمل
والبذل وعدم القعود دون المنازل العالية..
قالوا: عرفنا المفتاح الأول.. فما المفتاح الثاني؟
قال: هو ما يشير إليه قوله تعالى في هذه الغزوة:﴿ وَمَا
أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ
الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾ (آل عمران: 166 – 167)
قالوا: فما في هذا من مفاتيح الأمل؟
قال: إن هذه الآية الكريمة تذكر النفوس اليائسة بأن الألم قد يحوي من
الخير والنفع والأمل ما لا قد تفطن النفس لرؤيته، فتنحجب بالألم عن الأمل.
لقد ذكر الله ذلك في مواضع من القرآن.. فالله تعالى يقول:﴿
وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة: 216)،
ويقول:﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا
كَثِيرًا ﴾ (النساء: 19) .. ففي هذه النصوص يلفت الله انتباه المؤمنين إلى
أن أي مصيبة لابد أن تنطوي على نقاط مضيئة وجوانب إيجابية..
قالوا: عرفنا المفتاح الثاني.. فما المفتاح الثالث؟
قال: تعميق الإيمان بأن المصائب أمر مقدّر.. كتب الله لكل مخلوق حظه منه
من قبل أن يوجد..
نعم هناك أسباب مادية واقعية تقود إلى المصيبة، ولكن هذا لا ينفي ارتباط
الأمر ـ من قبل