ومن بعد ـ بقضاء الله وقدره.. وإنما يتحرك الإنسان سعيًا لجلب نفع أو دفع
ضر، لأن الله أمره بالأخذ بالأسباب وهو مأجور على العمل والسعي ما دام موافقًا
للشرع.. كما أنه يتحرك لذلك وهو موقن أن الله قادر على تعطيل الأسباب وقادر كذلك
على إنفاذها..
فالإنسان وأهل الأرض جميعًا إن اجتمعوا على دفع مصيبة قدّرها الله لن
يستطيعوا مهما أوتوا من أسباب.
وإلى هذا المعنى أشار النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم في رسالته التربوية
المعجزة التي وجهها لقلب المنكسر وعقله حين قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن
بالله، ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا.. ولكن قل: قدّر
الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان)[1]
وما عمل الشيطان المقصود هنا سوى ذلك الإحباط الذي يسيطر على النفس أمام
فرصة فائتة أو خطب نازل..
قالوا: عرفنا المفتاح الثالث.. فما المفتاح الرابع؟
قال: توجيه المؤمنين بعد مصيبة أحد إلى إمكانية استئناف المسير وفتح
صفحات ناصعة إذا هم أحسنوا التوبة مما وقعوا فيه من أخطاء مهما كانت، وإن كانت
ضخمة كالفرار من الزحف أو مخالفة أمر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم.
نعم.. قد يخطئ الإنسان أخطاء كبيرة أو صغيرة ولكن الحياة لن تنتهي عند
حدود الأخطاء التي وقعت طالما أن باب الإصلاح والتوبة مفتوح.. المهم أن يسارع
المخطئ إلى تدارك الأمر.. اسمع إلى قوله تعالى في هذا:﴿ وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ
وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ