قال: إن القرآن لكريم في هذه الآيات يسلك سبيلاً آخر حكيمًا إلى النفوس
المنكسرة يمسح عنها الأسى حين يلفت أنظارها دائمًا إلى عبرة الماضي المتكررة وهي
أن السقوط يعقبه قيام ونصر لمن سار على الدرب.
وهذا منهج قرآني تكرر في غير هذا الموضع في مواجهة أزمات مرت بالمسلمين
واقتربت بهم من دائرة الإحباط.. فتجد أن الله ينزل سورتين متواليتين في العام
العاشر من البعثة في أواخر العهد المكي حين ضاق الحال تمامًا برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وأصحابه في مكة تكذيبًا وإيذاءً وصدوداً عن لحق، فتنزل القرآن بسورة هود
وما حوته من قصص لرسل سابقين وكيف صبروا وثبتوا حتى جاءهم نصر الله.. ثم يختتمها
الله تعالى بقوله:﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ
مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ
وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)﴾ (هود)
فتعرّف أخبار السابقين المشابهة يثبت القلب ويزيل اليأس ويلقي في روع
المهموم أن ما أصابك من همّ لم يكن جديدًا اختصصت به دون غيرك، بل سبقك إلى ساحة
الامتحان آخرون مثلك فنجحوا وعبروا الأحزان..