كما تنزلت بعدها سورة (يوسف).. وليس بخافٍ ما تحفل به من سلوى للمصابين
وآمال لليائسين من خلال العديد من المآزق التي تعرض لها يوسف عليه السلام فصبر
وثبت حتى نجاه الله منها جميعًا.. إلى جانب الأزمة العنيفة المتصاعدة التي مرت
بيعقوب عليه السلام والمتجسد في فقد أحد بنيه، ثم تزيد بفقد التالي له في المنزلة
بعد سنوات من الصبر..
قالوا: عرفنا المفتاح الخامس.. فما المفتاح السادس؟
قال: هو ما يشير إليه قوله تعالى:﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ
فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ﴾ (آل عمران: 140)
قالوا: فما في هذا من العلاج؟
قال: في هذه الآية الكريمة يلفت القرآن أنظار المسلمين تعقيبًا على أحد
إلى أن الألم الذي أصابهم قد أصاب عدوّهم مثله، فلم يخرج عدوّهم من المعركة (وإن
بدا منتصرًا) سالمًا من الجراح والآلام.. وبذلك، فإن كفاح المؤمنين ضد عدوهم لم
يذهب سدى، بل إن عدوهم قد أصابه ما أصابهم من أذى (قرح مثله).. وهي سنة ماضية في
معركة الحق مع الباطل فصّلها الله في موضع آخر من كتابه حين قال:﴿ إِنْ
تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ﴾ (النساء:
104)
ولا ريب أن فرقًا كبيرًا بين من هزم وهو يرى عدوه مكتمل الفوز والانتصار،
ومن هزم وهو يشعر أنه هو أيضًا قد نجح في النيل من عدوه ولو بعض النيل.. شتان بين
النفسيتين!!
قالوا: عرفنا المفتاح السادس.. فما المفتاح السابع؟
قال: هو ما يشير إليه قوله تعالى:﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ (آل عمران: 140)
قالوا: فما في هذا من مفاتيح الأمل؟
قال: كما يربي القرآن الكريم المنهزمين نفسيًا على أن الجراح والآلام
ليست حكرًا عليهم دون أعدائهم يوجه أبصارهم نحو سنة كونية ثابتة متى استقرت في
النفس المحبطة عاودها