الأمل من جديد.. تلك السنة هي المتمثلة في أن من شأن الأحوال أنها لا
تثبت على هيئة واحدة، بل من شأن المقاعد أن يتبادلها الجالسون كل حين عليها، فلا
المهزوم يظل مهزومًا، ولا المنتصر يظل منتصرًا..
وكذلك الغني والفقر والصحيح والسقيم..
وإذا فهم المحبط ذلك أيقن بلا شك أن بالإمكان حتمًا أن يتجاوز دائرة
إحباطه التي تسيطر عليه لأن الأحوال حتمًا تمضي إلى تبدّل، وخير له أن يستثمر هذا
التحول لصالح النهوض من كبوته..
قالوا: عرفنا المفتاح السابع.. فما المفتاح الثامن؟
قال: ما أشار إليه القرآن الكريم – تعقيبا على تلك الغزوة – من أن الإنسان يوم القيامة يحاسب على عمله
الذي كسبته يداه، ولا يحاسب على النتائج المترتبة على فعله هذا..
والإسلام يرسخ هذا المعنى في نفوس المؤمنين، لأن العامل قد يحسن العمل،
ثم لا تأتي النتيجة على المستوى المطلوب فيحبط ويشعر بالفشل..
فلذلك يربط القرآن الجهود والخطط بما تستطيع النفوس تحقيقه، لا بما يتعلق
بالغيب والقدر المحض..
ومن ثم يربط القرآن المؤمنين ـ في كفاحهم عبر الحياة ـ بثواب الآخرة
المستقر اليقيني المترتب مباشرة على عملهم، فترى الله عز وجل يقول عن المؤمنين
المجاهدين في سبيله:﴿ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ
ثَوَابِ الْآَخِرَةِ ﴾ (آل عمران: 148).. فالثواب الحسن حقًا هو ثواب
الآخرة.
أما الذين كفروا فحتى لو حققوا انتصارًا (أي: نتيجة حسنة) فيهم من
الخاسرين في الآخرة (لسوء عملهم) يقول تعالى:﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾ (آل عمران)، ويقول:﴿ وَلَا
يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي