قلت: مخطئون هم.. وقساة هم.. وليس الرحيم إلا الطبيب.
قال: لم؟
قلت: لأن رحمتهم القاصرة المحدودة ستقسو على الولد، وستملأ حياته بالألم ..
بينما قسوة الطبيب الظاهرة لا تنتج إلا الصحة والعافية.. فقسوته رحيمة.. ورحمتهم
قاسية.
قال: فانظر بهذا المنظار للحقائق.. فلا ينبغي للعاقل أن تغره القشور،
فينشغل بها عن اللباب.
قال ذلك، ثم انصرف تاركا لي كعادته.
بمجرد أن سار شعرت بهمة عظيمة تدفعني لأرحل تلك الرحلة التي كلفني بها..
بصدق وعزيمة وإخلاص..
لقد قلت في نفسي: فليكن ما يكون.. فالحقائق لابد أن تبرز عن نفسها لا
محالة..
^^^
بعد أيام قليلة سرت إلى البلد الذي طلب مني أن أذهب إليه.. كان بلدا
قاسيا في ظاهره، فليس في تضاريسه ولا أجوائه إلا القسوة..
لقد امتلأت بالكآبة عندما نزلت فيه.. لكني ما إن رأيت ورثة النبوة
وعاشرتهم حتى تحول كل شيء في نظري إلى جمال لا يضاهيه أي جمال..
لم أمكث في ذلك البلد الطيب طويلا.. ولكني استفدت من كل يوم مكثت فيه ـ
بفضل الله ـ من أشعة شمس محمد a ما لا يستطيع اللسان التعبير عنه..
قلت: فهل ستحكي لي خبر ما رأيت؟
قال: أجل.. فقد كانت الأنوار التي تحملها براهين جديدة اقتربت بها خطوات
كثيرة من شمس محمد a.