سأضرب لك مثالا يقرب لك ذلك.. لقد ذهبنا إلى أراضي المستضعفين نستولي
عليها ونتسلط.. ونحن نزعم لهم مع ذلك أن قصدنا هو رحمتهم.. رحمتهم بإخراجهم من
التخلف إلى الحضارة.
قال: ولكن كير الامتحان يميز الخبيث من الطيب، والغليظ من اللين، والقاسي
من الرحيم.
قلت: وما كير الامتحان؟
قال: أليس قومك يهتمون بالنتائج قبل الوسائل.. فلذلك يتذرعون بكل وسيلة
للحصول على ما يرغبونه من النتائج؟
قلت: ذلك صحيح.. وهم يعبرون عن ذلك بأن الغاية تبرر الوسيلة.
قال: فكير الامتحان هو النظر إلى النتائج.. فبذور الشوك يستحيل أن تنبت
ثمار العنب.
قلت: أتقصد أن ننتظر النتائج حتى نرى حقيقة الدوافع؟
قال: أجل.. فالنتائج هي التي تبين المنطلقات.. فلا يمكن أن يخرج إلى
الوجود إلا ما بذر في أرض النفوس.
قلت: إني أرى أقواما يحملون رايات كثيرة قد التبست علي فلم أدر أهي رايات
رحمة أم رايات قسوة؟
قال: لا تنظر إلى الرايات.. وانظر إلى ما يحركها..
قلت: لم أفهم.
قال: أرأيت الطبيب الذي يضطر إلى إجراء عملية جراحية لولد صغير.. فتقف في
وجهه الرايات الكثيرة تدافع عن الطفل.. وترمي بالحجارة وجه الطبيب، لكونه يريد أن
يقسو على الولد.