إلينا بعدها حبرا صالحا يمكنه أن يصير في يوم من الأيام خليفة من خلفاء
بطرس وأولئك القديسين الكثيرين الذين جلسوا مجلسه.
^^^
في ذلك المساء امتلأت هما وغما لما ذكره لي أخي من مظاهر القسوة في
الإسلام، فلذلك ذهبت ـ كعادتي في مثل هذه الأحوال ـ إلى الغابة التي تعودت أن
ألتقي فيها بمعلم السلام.
لم أسر في الغابة إلا قليلا حتى رأيته، وهو يحمل حجارة يرمي بها حيوانا
لم أتبينه، فأسرعت إليه، وقلت: ماذا تفعل؟.. لم أكن أتصور أن رجلا في مثل حكمتك
يحمل الحجارة.
قال: لقد دفعتني الرحمة إلى حمل هذه الحجارة.
قلت: الرحمة لا تدفعك لحمل الحجارة.. لا يرمي بالحجارة إلا من قلوبهم مثل
الحجارة.
قال: لقد رأيت حيوانا عاديا يهم بحيوان قاصر ضعيف.. وقد خيرت بين أن أترك
الضعيف للقوي.. أو أصد القوي عن الضعيف.. وقد دلتني الرحمة أن أنتصر للضعيف من
القوي.
قلت: نعم ما اخترت.. ولكن ألم تجد إلا الحجارة؟
قال: لم يكن لي خيار إلا الحجارة.. فالرحمة أحيانا قد تتطلب بعض القسوة.
قلت: لقد قال الشاعر العربي يعبر عن ذلك:
وقسا ليزدجروا ومن يك راحما
فليقس أحيانا على من يرحم
قال: صدق الشاعر.. فقد نظر إلى الحقيقة من بابها الصحيح..
قلت: ألا ترى أن هذا قد يصبح حجة للظلمة والمستكبرين والطغاة، فيفعلون ما
تطلبه نفوسهم من القسوة، ثم يلبسون على الناس وعلى أنفسهم، فيزعمون أنهم لا
ينطلقون إلا من