وحده، وشعر أن هؤلاء الألف يعيشون في نفسه -كما يعيش هو في أنفسهم- حباً
لهم، وحرصاً عليهم، وضناً بهم، فإذا ضربت الألف في الألف كان المجموع المعنوي ألف
ألف رجل في الحقيقة وان كانوا ألفاً واحدة في لغة الإحصاء والتعداد.
وقد شبَّه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قوة المؤمن بإخوانه المؤمنين باللبنة في
البناء المتين، فقال:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)[1]
اللبنة وحدها ضعيفة مقدور عليها، ولكنها داخل البنيان أصبحت مرتبطة به
ارتباطاً لا ينفصل، أصبحت جزءاً من (الكل) الكبير، لا يسهل كسرها، أو زحزحتها عن
موضعها فإن قوتها هي قوة البنيان كله الذي يشدها إليه.
الثمار:
قالوا: عرفنا مصادر قوة المؤمن.. والتي تخرجه من وهم الاستضعاف.. فما
ثمار هذه القوة التي يحملها الإيمان؟
قالت سمية: أول الثمار التي يجنيها المؤمن من قوته الإيمانية هو التزامه
الحق مع القريب والبعيد.. فالمؤمن صادق في كل حال، عدل في كل حين، يعترف بالخطأ
إذا زلت به قدمه غير جاحد ولا مكابر، ولا مبرر لخطئه بخطأ آخر، أو بإلقاء التهمة
على غيره، وهو يقول الحق ولو كان مراً، ويقوم لله شهيداً بالقسط ولو على نفسه أو
الوالدين والأقربين، ويعدل مع العدو عدله مع الصديق، لا يعرف التحيز، ولا يعرف
المحاباة.
بعث النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم عبد الله بن رواحة إلى خيبر، ليقوم بتقدير
ثمر النخل فيها، إذ كان لهم نصفها، وللمسلمين نصفها، وقام عبد الله بالمهمة فقال:
في هذه كذا، وفي هذه كذا، فجمع اليهود له حلياً من حلى نسائهم وقالوا له: هذا لك،
وخفف عنا في القسمة وتجاوز فقال: يا