وهي تنادي: وا أخاه، وا سيداه، وا أهل بيتاه، ليت السماء انطبقت على
الأرض، وليت الجبال تدكدكت على السهل.. وصاح شمر بأصحابه: ما تنتظرون بالرجل..
فحملوا عليه من كل جانب إلى أن قتل، وقد وجد في قميصه مائة وبضع عشرة ما بين رمية
وضربة وطعنه.
الثورة
كانت الدموع تفيض من عيون الجموع، وهي تستمع لتلك
الأحاديث العذبة التي ألقتها بكل قوة بنت الهدى، فأحس آحاد هعام أن كل ما يريد أن
يقوله يكاد يتبخر مع تلك الأحاديث القوية المجلجلة.. فراح يقاطعها قائلا: نحن لا
نتحدث عن كل هذا.. نحن لا نناقش هنا قضايا الإيمان والكفر.. فلكل فرد الحرية في
نوع الإيمان الذي يختاره..
أنا مثلا رجل يهودي.. آبائي كلهم يهود.. ولكن ذلك لم
يمنعني من الثورة على اليهودية.
لقد ثرت على اليهودية التي شعرت أنها كانت سببا فيما
حصل لليهود من مآسي..
ولكني عندما ثرت عليها لم أخرج من اليهودية.. بل قمت
بتصحيح لليهودية.. أو استبدال لليهودية النائمة بيهودية مستيقظة متحركة ثائرة.
لقد لقحت الديانة اليهودية بأفكار نيتشة.. فتحولت
اليهودية إلى ديانة الثورة والقوة..
لقد رأيت أن موسى وحده عاجز عن تسيير دفة اليهودية..
فرحت أعينه بنيتشة.. وقد ولد من بينهما تلك الفكرة القوية العظيمة فكرة الصهيونية..
التي استطاعت أن تحقق حلم اليهود الذي عجز جميع الأنبياء عن تحقيقه.
ما إن قال هذا حتى قامت عجوز.. ولكنها تحمل من الهمة
والقوة ما لا تقوم الجبال به.. وقد عرفت بعد ذلك أن اسمها (زينب الكبرى)[1]
[1] أشير به إلى المرأة
العظيمة زينب الكبرى سلام الله عليها، وهي التي حملت رسالة دم شهداء كربلاء، ورافقت
الحسين في ثورته الدامية يوم الطف. بنت أمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء. ولدت في 5 جمادي
الأولى في سنة الخامسة للهجرة بالمدينة. ولدت بعد الإمام الحسين. من ألقابها: عقيلة
بني هاشم، وعقيلة الطالبيين، والموثّقة، والعارفة، والعالمة، والمحدثة، والفاضلة، والكاملة،
وعابدة آل علي. واسم زينب مخفف لكلمة (زينة الأب)
كانت معروفة بالشجاعة، والفصاحة، ورباطة الجأش، والزهد،
والورع، والعفاف، والشهامة (انظر: الخصائص الزينبية للسيد نورالدين الجزائري)