قال كلاي: قبل أن أجيبك عن سؤالك أود أن أصحح معلومات مرتبطة بتاريخ الرق
في العالم..
فالإسلام لم يكن في يوم من الأيام مسئولاً عن ابتداع الرق.. هكذا تثبت
حقائق التاريخ التى دوَّنَها المؤرخون من غير المسلمين.. فالتاريخ يشير إلى أن
الرق ظاهرة عريقة فى القدم.. تاريخها هو ذاته تاريخ الاستغلال وظلم الإنسان لأخيه
الإنسان.
وقد ذكر المؤرخون.. أقصد مؤرخينا من الأوروبيين والأمريكيين أن ظاهرة
استعباد الإنسان للإنسان نشأت منذ عشرات الألوف من السنين، وتحديدًا فى فترة
التحول من الصيد إلى الاعتماد على الزراعة المُنَظّمة كوسيلة لاكتساب الرزق.
لقد قال المؤرخ الكبير (ول ديورانت) يقرر ذلك:(بينما كانت الزراعة تُنْشئ
المدنيِّة إنشاءً فإنها إلى جانب انتهائها إلى نظام الملكية، انتهت كذلك إلى نظام
الرق الذى لم يكن معروفًا فى الجماعات التى كانت تقيم حياتها على الصيد الخالص،
لأن زوجة الصائد وأبناؤه كانوا يقومون بالأعمال الدَّنيَّة، وكان فيهم الكفاية
لذلك، وأما الرجال فقد كانت تتعاقب فى حياتهم مرحلة تضطرب بنشاط الصيد أو القتال،
يتلوها مرحلة من فتور الاسترخاء والدعة بعد الإجهاد والعناء. ولعل ما تنطبع به
الشعوب البدائية من كسل قد بدأ – فما نظن – من هذه العادة. عادة الاستجمام البطىء بعد عناء القتال والصيد، ولو أنها
لم تمكن عندئذ كسلاً بمقدار ما كانت راحة واستجامًا ؛ فلكى تحوِّل هذا النشاط المتقطع
إلى عمل مطرد، لابد لك من شيئين: العناية بالأرض عناية تتكرر كل يوم، وتنظيم العمل.
وأما تنظيم العمل فيظل مُنْحلَّ العرى لَدُنِّىَّ النشاط مادام الناس
يعملون لأنفسهم، لكنهم إذا كانوا يعملون لغيرهم فإن تنظيم العمل لابد أن يعتمد فى
النهاية على القوة والإرغام ؛ وذلك أن نشأة الزراعة وحدوث التفاوت بين الناس
انتهيا إلى استخدام الضعفاء بواسطة الأقوياء