قال بلال: أجل .. فليس فيه نص واحد يبيح استرقاق الأسرى[1]..
لقد فتح الإسلام أمام الأسرى باب العتق والحرية بالمنّ أو الفداء، كما
قال تعالى:﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ
الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً
بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾ (محمد:4)،
فعندما تضع الحرب أوزارها، يتم تحرير الأسرى، إما بالمن عليهم بالحرية وإما
بمبادلتهم بالأسرى المسلمين لدى الأعداء.
بل إن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم سن لنا سنة المن، وبين الواقع التاريخي ما
في هذه السنة من المصالح، فقد روى الثقات من كُتَّاب السير والحديث أن المسلمين
أسروا في سرية من السرايا سيد بني حنيفة ثمامة بن أُثال الحنفي وهم لا يعرفونه،
فأتوا به إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فعرفه وأكرمه، وأبقاه عنده ثلاثة أيام،
وكان في كل يوم يعرض عليه الإسلام عرضاً كريماً، فيأبى ويقول: إن تسأل مالاً تُعطه،
وإن تقتل تقتل ذا دمٍ، وإن تنعم تنعم على شاكر، فما كان من النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلا أن أطلق سراحه.
ولقد استرقت قلب ثمامة هذه السماحة الفائقة، وهذه المعاملة الكريمة، فذهب
واغتسل، ثم عاد إلى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم مسلماً مختاراً، وقال له:(يا محمد، والله ما
كان على الأرض من وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى.. والله
ما كان على الأرض من دين أبغض إلىَّ من دينك، فقد أصبح دينك أحب الدين إليَّ..
والله ما كان من بلد أبغض إلى من بلدك، فقد أصبح أحب البلاد إلي)
وقد سر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بإسلامه سروراً عظيماً، فقد أسلم بإسلامه
كثير من قومه، ولم يقف أثر هذا التسامح في المعاملة عند إسلام ثمامة وقومه، بل
كانت له آثار بعيدة المدى في تاريخ الدعوة الإسلامية، فقد ذهب مكة معتمراً، فهمَّ
أهلها أن يؤذوه ولكنهم ذكروا حاجتهم إلى
[1] انظر: كتاب [بيان حكم استرقاق
الأسيرات و الاستغلال الجنسي لهن في ضوء القرآن والسنة] للشيخ: علي رضا دميرجان..