عبده، فإحسانك إليه يصحبه شهود المنة عليه، ولا هكذا إحسان عبدك إليك، فأجره
موفر للدار الآخرة بخلاف أجرك، وهنا أسرار يعرفها أهل الله تعالى لا تسطر في كتاب.
ويذكر عن شيخه علي الخواص ـ رحمه الله ـ قوله:(لا ينبغي للفقراء أن يروا
لهم ملكا لشيء من الوجود لا عبدا ولا أمة ولا دابة كما كان a
وكمل ورثته يفعلون، وكان كل عبد دخل في يدهم أعتقوه لوقته، فهم يستحيون من الله
تعالى أن يراهم يستعبدون أحدا من الخلق، ويجعلون عبيد سيدهم عبيدا لهم، فإن ذلك
عندهم من أعلى طبقات سوء الأدب، ومن هنا كانوا عبيد الله خالصين لم يسترقهم شيء من
مملكة الدارين، ولو أعطاهم الحق تعالى شيئا قبلوه أدبا ثم خرجوا عنه في الحال
لربهم حياء منه أن يراهم مشاركين له في وصف من الأوصاف، فليس فرحهم سوى إقبال الحق
عليهم، وليس حزنهم إلا على إدبارهم عنه لا غير، فسواء أقطعهم الجنة كلها أو لم
يقطعهم منها هو عندهم سواء لعدم شهودهم دخول شيء من الكونين في ملكهم وشكرهم لله
تعالى إنما هو من حيث النسب لا غير)
وقد استدل الشعراني لهذا الفهم الرباني بقوله a:(لا
يقل أحدكم عبدي وأمتي، وليقل فتاي وفتاتي) [1]
قال توم: دعني من هذا، وأخبرني كيف تخاطب الشريعة التي تزعم لها الرحمة
العبد بالتكاليف الشرعية، وهو لا حرية له؟
قال سلمان: لقد رحم الله هذا العبد ـ أولا ـ فخفف عليه الكثير من
التكاليف التي كلف بها الأحرار مراعاة للحالة التي يمر بها.
ثم إن الله تعالى برحمته جعل للعبد من الأجر إن أطاع الله ضعف ما للحر،
فقد قال a:(إن العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين)[2]