سجينا ذكيا فطنا، خبيرا بالمسيحية، عالما بها وبنقاط ضعفها، وهو فوق ذلك
يحمل من الصبر ما يصل به إلى غايته ولو في أطول الطرق وأضيقها..
رأى القس يده المرفوعة، فلم يملك إلا أن يأذن له، فلم يكن يتوهم أن هذه
اليد المرفوعة ستنسخ كل ما ذكره من الأحاديث..
قال السجين: أجبني حضرة الأب الفاضل.. لقد ذكرت لنا أننا لن نتطهر إلا
عندما نتعمد.. وعندما ندخل الكنيسة.. وقد كنت عارفا بالمسيحية وبكنائسها، وقد رأيت
فيها شيئا لست أدري مدى صحته.. ومدى علاقته بالمسيح وبالمسيحية.
قال القس، وقد بدا عليه بعض الإرباك: ما هو؟
قال السجين: سر الاعتراف.. لقد رأيت الكنيسة تمارس ما تسميه سر الاعتراف،
فهل توجد أدلة كتابية وتاريخية وآبائية تدل على ضرورة أن يكون الاعتراف أمام
الكاهن؟.. وهل الاعتراف لله لا يكفي حتى نحتاج إلى الاعتراف أمام الكاهن؟
استجمع القس أنفاسه، وكأنه يهم بالقيام بحرب ضروس، ثم قال: للإجابة على
سؤالك هذا ينبغي أن نعلم حقيقتين هامتين.. أولاهما: أن الوحيد القادر على غفران
الخطايا هو الله عن طريق دم المسيح المسفوك على عود الصليب.. والثانية: عن حياتنا
المسيحية، فكل مسيحي هو عضو في جسد المسيح الحي الذي هو كنيسته المجيدة، ورأس هذا
الجسد هو المسيح له كل المجد.
ومن أجل بنيان هذا الجسد أعطى الله المواهب الروحية المتكاملة، فقد أعطي
البعض أن يكونوا رسلا، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين لأجل
تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح.
ولذلك ينبغي عليك أن لا تحزن إذا وجدت نفسك بحاجة إلى آخر لكي يعمل معك
ومن أجلك فبالتأكيد أن الله أعطاك موهبة روحية ولكنه لم يعطك كل المواهب والوظائف
اللازمة