تعرفون جريمتي.. إنها الجريمة التي من أجلها سلمت نفسي لهذا السجن..
لقد قتلت نفسا بريئة بغير حق.. ولم يرني أحد، وأنا أقتلها.. ولم يكن لدى
الشرطة التي بحثت عن الجاني أي دليل تصل به إلي.. بل كان أهل القتيل فوق ذلك
يجلونني ويحترمونني غاية الاحترام، فلم يكونوا يتصورون أبدا أني أنا الجاني الذي
سلبهم قريبهم.
قال بعض السجناء: فكيف صرت بيننا؟
قال السجين: نعم.. الشرطة لم تستطع أن تقبض علي لتعاقبني.. لكن ضميري كان
يؤنبني كل حين.. وكانت صورة القتيل تتراءى لي في أحلامي فتملأها بالكوابيس.
وبما أني من أسرة متدينة – كما ذكرت لكم – فقد أسرعت إلى الكنيسة أشكو إليها حالي، وقد قرأ علي القس من كلام بولس
ما قرأته لكم.. وحكى لي من خطايا الأنبياء ما حكى لي.. وعندما هممت بالانصراف، قال
لي: يكفيك أن تعترف أمامنا.. ونحن سنخلصك من كل ذنوبك..
فعلت كل ما طلبه مني.. ولكن ضميري لم يطمئن لما فعلته.. فقد كنت أراه
نوعا من النفاق الذي لا يجدي شيئا..
وقد زاد من همي أني عندما تأملت النصوص التي كان القسس يستدلون بها على
أن للكنيسة حق الغفران رأيتها نصوصا لا تدل على ما توهموه..
بل إني رأيت أن النص الذي يستدلون به على قدرة المسيح على غفران الخطايا
لا يدل على هذا المراد.
انتفض القس قائلا: كيف هذا؟.. النص واضح لا ريبه فيه.. لقد قال المسيح:(إن
لإبن الانسان سلطاناً على الارض أن يغفر الخطايا) (متى:9 /6)
قال السجين: لنفهم النص – حضرة الأب الفاضل – نحتاج إلى العودة إلى الواقعة التي قيل فيها.. فاسمح لي أن أرددها بين
يديك، لأذكر لك من خلالها ما فهمته منها، أو ما يصح أن