انظروا كيف يخلص إله المسلمين عباده من كل حرج.. إنه لا يطلب منهم أن
يلجأوا لأي كاهن ولا لأي رجل دين.. بل يكفيهم أن يتوبوا إلى الله ويستغفروه.. فليس
لأحد سلطان المغفرة إلا لله.. كما قال تعالى:﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ (التوبة:104)، وقال:﴿
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ
وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ (الشورى:25)
أما البشر.. فإن سلطانهم الوحيد الذي أتيح لهم في هذا الباب أن يستغفر
بعضهم لبعض.. ويعفو بعضهم عن بعض.. لقد خول الله تعالى ذلك لرسول الله كما خوله
لكل مؤمن بغض النظر عن رتبته ووظيفته، قال تعالى يخاطب رسوله في شأن
أصحابه:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ
فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (آل عمران:159)
بل إن الله تعالى قد منع رسوله مع عظيم مرتبته وقربه من حق الاستغفار في
بعض المحال، فقال تعالى:﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ
إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ (التوبة:80)