قال: بما علمك الفضيل.. بشر المتألمين من السجناء أن رحمة الله الواسعة
تنتظرهم إن هم تنعموا بشمس محمد a التي تطل على العالمين.
ما إن قال ذلك حتى شعرت بأشواق تشدني إلى السجن، بل تحيله في ناظري قصرا
من القصور لا يقل في جماله عن كل القصور التي يتنافس عليها أهل الدنيا.
أسرعت بمجرد رجوعي إلى بلدي إلى أقرب مركز للشرطة، وهناك أخبرتهم عن
جريمتي، واعتذرت بكل صنوف الاعتذار لأهل القتيل، وها أنا الآن بينكم أحاول أن أرقع
من أمري ما تخرق، وأصحح ما وقعت فيه نفسي من أنواع الدنس.
والحمد لله.. لقد ملأني الله في هذا السجن بأنوار من الإيمان والسعادة
والرحمة لم أجد لها مثيلا في حياتي جميعا.
^^^
قال السجين ذلك، ثم التفت إلى السجناء، وقال: هذه قصتي أزفها إليكم
بعجرها وبجرها، عسى الله أن يبصركم بها، وأن يرفع همتكم في هذا السجن لتسيروا
إليه، فلا خير إلا عنده، ولا رحمة إلا لمن سلك سبيله.
ما إن انتهى السجين من كلامه حتى صاح جميع أهل السجن بالتهليل والتكبير..
والعجب أن صاحبي كان من جملة المهللين والمكبرين.. وقد رأيت على وجهه من سيما
الإيمان والصدق ما دلني على صدق تهليله وتكبيره.
خرجت من السجن.. وأنا أشعر بأن أشعة كثيرة تتنزل علي من شمس محمد a.. لتمحو بعض أكداس الظلمات التي كانت نفسي غارقة فيها.