الذي يحدق بالبيت وبالمرأة: (إن النظام الذي يقضي بأن تشتغل المرأة في
المعامل ودور الصناعات مهما نشأ عنه في الثروة، فإن النتيجة هادمة لبناء الحياة
المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان العائلة، وفرق الروابط الاجتماعية،
لأن وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية، كترتيب مسكنها، وتربية
أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام بالاحتياجات العائلية، ولكن المعامل
سلختها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير المنازل، وأضحى الأولاد يشبون
على غير التربية الحقيقية، لكونهم يلقون في زوايا الإهمال، وأطفئت المحبة الزوجية،
وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في
العمل والمشاق، وباتت عرضة للتأثيرات التي تمحو غالبًا التواضع الفكري والخلقي
الذي عليه مدار حفظ الفضيلة)
وقد صرحت إحدى أساتذة الجامعات في بريطانيا وهي تودع طالباتها بعد أن
قدمت استقالتها: (ها أنا قد بلغت سنّ الستين من عمري، ووصلت فيها إلى أعلى
المراكز، نجحت وتقدّمت في كل سنة من سنوات عمري، وحقّقت عملاً كبيرًا في نظر
المجتمع، لقد حصلت على شهرة كبيرة وعلى مال كثير، ولكن هل أنا سعيدة بعد أن حققت
كل هذه الانتصارات؟!)
ثم تجيب نفسها، فتقول: (لا، إن وظيفة المرأة الوحيدة هي أن تتزوج وتكوّن
أسرة، وأي مجهود تبذله بعد ذلك لا قيمة له في حياتها بالذات)
أذكر أن بعض الباحثين قام على امتداد سنتين بمسح ميداني للعائلة الغربية،
تنقّل فيه بين مختلف البلاد الأوربية وعبر الأطلسي إلى الولايات المتحدة وكندا،
ليعود بعدها بجعبته المليئة بالأصوات التي تحذر من اتجاه العائلة الغربية نحو
الانقراض[1].
[1] جمع هذه الأصوات مع تحليل
وافٍ لها (أوديل) في كتاب أطلق عليه عنوان (أنقذونا).. وتلك الأصوات عبارة عن
حوارات قصيرة أجراها المؤلف مع نساء وأطفال وآباء وأجداد حول طبيعة علاقة كل واحد
منهم بأفراد عائلته الآخرين، والأصوات السعيدة كانت نادرة جدًا، بل واستثنائية.