سكتت قليلا، ثم قالت: لقد كانت لي صديقة اسمها (ميريام كورفي)، وهي امرأة
هولندية، وأم لثلاثة أطفال قالت لي: (زوجي يعمل من الثامنة صباحًا وحتى السادسة
مساءً، وأنا أعمل من الثامنة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، أعتقد أننا في حالة مادية
معقولة، ونسكن في شقة جيدة، ويبدو أن هذا لا يكفي، فثمة تشققات هائلة داخل
العائلة، لكأننا من عالم مختلف تمامًا عن عالم أطفالنا، أنا وزوجي نجتر بعض الحنين
السابق وبعض التفاؤل السابق، الأمر لأطفالنا مغاير جدًا، قد أكون مخطئة لكنني أشعر
بحدس الأم، إن أطفالي ملوّثون بيأس خاصّ، أعتقد أنه استوطن بقوّة في اللاوعي. إنني
لا أفهم الدافع لذلك، فهم يتابعون دروسهم في مدرسة متفهمة، كما أنهم يشاهدون
التلفزيون كل مساء.
لقد سألت أحد الأصدقاء وهو أستاذ في علم النفس عن هذه الحالة، فأجاب: إن
ملاحظتي هذه مجرد خيال، وإن الأطفال في صحة حضارية جيدة، كلمة (حضارية) هذه هي
التي أفزعتني، فأنا أعتقد أن أولادي ككل الأولاد الآخرين يعانون حصارًا ما، إنني
لا أفهم، كل ما أستطيع أن أقوله هو أن الحنان الذي أقدمه لأطفالي لا يكفيهم على ما
يبدو، لا يمكنني أن أقدم أكثر من ذلك، وأعتقد أننا نبني جيلاً سيكرهنا بالضرورة)
^^^
بعد أن انتهت النسوة من حديثهن مما ذكرت لك بعضه، فلم أحفظ جميع ما
قالوا، التفتن إلى (مريم هاري)،
وقلن: ها قد بحنا بما عندنا.. فهل تبوحين لنا بما عندك ؟.. ما سر لجوئك إلى الإسلام؟.. ألم تسمعي كل تلك الضجة
التي أثيرت حوله.. وحول موقفه المتشدد من المرأة؟
قالت: بلى.. لقد سمعت بذلك.. بل كنت في يوم من الأيام أحد تلك الأصوات..
بل أحد تلك الأصوات الشديدة.. لقد كنت عضوا في مؤامرة لم يكن لها من هدف سوى أن
ترمي دين محمد a بالغلظة والقسوة والجفاء.