قالت العجوز: بالرجوع إلى هدي محمد a، والاستنارة بأشعته.
قالت إحدى الحاضرات: فكيف كان هدي محمد مع البنات؟
قالت العجوز: لقد كان a محبا لابنته فاطمة – سيدة نساء العالمين- عظيم الرحمة بها، لقد كان يقول عنها:(فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني)[1]
وكان يقول فيها:(فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وإن
الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري)
وكانت إذا دخلت على أبيها رحب بها وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في
مجلسه.
أتدرون أيها السادة في أي مجتمع كانت هذه التعاليم؟
لقد كانت في مجتمع ينظر إلى البنات نظرة احتقار وازدراء ومهانة.. لقد كان العرب كما كان غيرهم يتشاتمون بميلاد البنات، ويضيقون بهن، حتى قال أحد
الآباء - وقد بشر بأن زوجه ولدت أنثى -: (والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء،
وبرها سرقة).. يريد أنها لا تستطيع أن تنصر أباها وأهلها إلا بالصراخ والبكاء لا
بالقتال، ولا أن تبرهم إلا بأن تأخذ من مال زوجها لأهلها.
وكانت التقاليد المتوارثة عندهم تبيح للأب أن يئد ابنته.. يدفنها حية.. خشية
من فقر قد يقع، أو من عار قد تجلبه حين تكبر على قومها.. وقد أنكر القرآن الكريم
هذا إنكارا شديدا، فقال مقرعا لهم:﴿ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ
بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾
(التكوير:8 ـ 9)
وكانت بعض الشرائع القديمة تعطي الأب الحق في بيع ابنته إذا شاء.. وكان
بعضها الآخر، كشريعة حمورابي، تجيز له أن يسلمها إلى رجل آخر ليقتلها، أو يملكها
إذا قتل الأب ابنه الرجل