ما الجهة الأولى[1].. فالآية التي أثبتت مشروعية الدية في القرآن الكريم، شملت بإجماع الفقهاء
والمفسرين الرجل والمرأة على حد سواء، ولم تفرق بينهما بشيء.. فالله تعالى قال:﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً
إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ﴾ (النساء:92)
ومثل ذلك ما ورد في السنة المطهرة حديث واحد صحيح صريح، يدل على تنصيف دية
المرأة.
أما ما احتجوا به من حديث معاذ بن جبل، الذي يقول: (دية المرأة على النصف من
دية الرجل)، فقد حكم العلماء بضعفه[2].
ومثل ذلك الآثار الواردة عن الصحابة فليس فيها أثر واحد صحيح صريح، ينص على
أن دية المرأة على النصف من دية الرجل.
أما ادعاء الإجماع علي تنصيف دية المرأة، فإنما هو مجرد دعوى لا أكثر، إذ هو
منقوض بعدم وجود نقل صحيح ثابت عن حصول مثل هذا الإجماع، ومتى كان وممن كان..
بالإضافة
[1] استفدنا المعلومات الواردة هنا من
بحث للباحث مصطفى عيد الصياصنة بعنوان (دية المرأة، في ضوء الكتاب والسنة: تمام
دية المرأة، وتهافت دعوى التنصيف)، وقد قال هذا الباحث: (من دراستنا الموسعة
والمستفيضة، لمسألة دية المرأة في الكتاب والسنة، والآثار الواردة عن بعض أفراد
الصحابة والتابعين، إضافة إلى معالجتنا لطبيعة دعوى الإجماع والقياس، بخصوص هذه
المسألة، فإننا نستطيع القول ـ وبكل الاطمئنان والثقة ـ: إن دية المرأة على مثل
دية الرجل سواء بسواء وذلك لتضافر الأدلة والمرجحات، التي تؤكد هذه الحقيقة) (دية
المرأة، في ضوء الكتاب والسنة:145)
وقد لخصنا باختصار وتصرف
بعض ما ذكره من أدلة هنا.
[2] قال في نصب الراية في
تخريجه: (روي هذا اللفظ موقوفا على علي، ومرفوعا إلى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ؛ قلت: أما الموقوف، فأخرجه
البيهقي عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب، قال: (عقل المرأة على النصف من عقل الرجل
في النفس، وفيما دونها).. وقيل: إنه منقطع، فإن إبراهيم لم يحدث عن أحد من
الصحابة، مع أنه أدرك جماعة منهم ؛ وأما المرفوع، فأخرج البيهقي أيضا عن معاذ بن
جبل، قال: قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: دية المرأة على النصف من دية الرجل.. قال: وروي من وجه آخر عن عبادة بن
نسي)