ومقصد التشريعات الإسلامية يبدو من خلالها واضحا جليا..
فهي لا تعتمد على العقوبة في إنشاء المجتمع النظيف، إنما تعتمد قبل كل شيء على الوقاية.. وهي لا تحارب
الدوافع الفطرية، ولكن تنظمها وتضمن لها الجو النظيف الخالي من المثيرات المصطنعة.
والفكرة السائدة في منهج التربية الإسلامية في هذه
الناحية، هي تضييق فرص الغواية، وإبعاد عوامل الفتنة ; وأخذ الطريق على
أسباب التهييج والإثارة، مع إزالة العوائق دون الإشباع الطبيعي بوسائله
النظيفة المشروعة..
ومن هنا اعتبرت الآيات الكريمة للبيوت حرمة لا
يجوز المساس بها ; فلا يفاجأ الناس في بيوتهم بدخول الغرباء عليهم إلا بعد استئذانهم وسماحهم بالدخول،
خيفة أن تطلع الأعين على خفايا البيوت، وعلى عورات أهلها وهم غافلون..
ذلك مع غض البصر من الرجال والنساء، وعدم التبرج بالزينة لإثارة الشهوات.
ومن هنا كذلك ييسر الزواج للفقراء من الرجال
والنساء، فالإحصان هو الضمان الحقيقي للاكتفاء.. وينهى عن تعريض الرقيق للبغاء
كي لا تكون الفعلة سهلة ميسرة، فتغري بيسرها وسهولتها بالفحشاء.
قالت المرأة: أنا مقتنعة بكل ما ذكرته الآيات عن التشريعات
المرتبطة بالاستئذان وغيره، فهي تشريعات حضارية لا تنكرها الفطر السليمة.. ولكن
الذي تنكره هو الحجاب..
قال العجوز: لا بأس.. سألتمس
لإقناعك أسلوبا آخر..أنا أعلم أنّ الحديث عن الحجاب في عصرنا الذي سمّوه عصر
السفور والحرية، ليس حديثاً سارّاً حيث يتصوّه الكثير أُسطورة تعود لعصور خلت..
إلاّ أنّ الفساد الذي لا حدّ له، والمشاكل المتزايدة والناتجة عن هذه الحريّات
التي لا قيد لها ولاحدود، أدى بالتدريج إلى ايجاد الأُذن الصاغية لهذا الحديث:
أولا.. لا شك أنك تعلمين أن سفور النساء وما يرافقه من تجميل وتدلل ـ وما
شاكل ذلك ـ يحرك الرجال ويحطّم أعصابهم، وتراهم قد غلب عليهم الهياج العصبي،
وأحياناً يكون ذلك