ومما لا ينكر أن هذه الوظائف الخطيرة لا تتفق مع تكوين المرأة النفسي،
والعاطفي، وبخاصة ما يتعلق بالحروب وقيادة الجيوش، فإن ذلك يقتضي من قوة الأعصاب،
وتغليب العقل على العاطفة والشجاعة في خوض المعارك.
قامت أخرى، وقالت: دعينا من السياسة.. فلا ناقة لنا فيها ولا جمل.. وعودي
بنا إلى الأسرة.. وأجيبينا على هذا السؤال المحير.. لم جعل الطلاق بيد الرجل، ولم
يجعل بيد المرأة؟
قالت العجوز: إن فصم رابطة الزوجية أمر خطير، يترتب عليه آثار بعيدة
المدى في حياة الأسرة والفرد والمجتمع، فمن الحكمة والعدل ألا تعطى صلاحية البت في
ذلك، وإنهاء الرابطة تلك، إلا لمن يدرك خطورته، ويقدر العواقب التي تترب عليه حق
قدرها، ويزن الأمور بميزان العقل، قبل أن يقدم على الإنفاذ، بعيداً عن النزوات
الطائشة، والعواطف المندفعة، والرغبة الطارئة.
والثابت الذي لا شك فيه أن الرجل في الأغلب أكثر إدراكاً وتقديراً لعواقب
هذا الأمر، وأقدر على ضبط أعصابه، وكبح جماح عاطفته حال الغضب والثورة، وذلك لأن
المرأة خلقت بطباع وغرائز تجعلها أشد تأثراً، وأسرع انقياداً لحكم العاطفة من
الرجل، لأن وظيفتها التي أعدت لها تتطلب ذلك، فهي إذا أحبت أو كرهت، وإذا رغبت أو
غضبت اندفعت وراء العاطفة، لا تبالي بما ينجم عن هذا الاندفاع من نتائج ولا تتدبر
عاقبة ما تفعل، فلو جعل الطلاق بيدها، لأقدمت على فصم عرى الزوجية لأتفه الأسباب،
وأقل المنازعات التي لا تخلو منها الحياة الزوجية، وتصبح الأسرة مهددة بالانهيار
بين لحظة وأخرى.
وهذا لا يعني أن كل النساء كذلك، بل إن من النساء من هن ذوات عقل وأناة،
وقدرة على ضبط النفس حين الغضب من بعض الرجال، كما أن من الرجال من هو أشد تأثراً
وأسرع انفعالاً من بعض النساء، ولكن الأعم الأغلب والأصل أن المرأة كما ذكرنا،
والتشريع إنما يبني على الغالب وما هو الشأن في الرجال والنساء، ولا يعتبر النوادر
والشواذ، وهناك سبب آخر