إن إيقاع الطلاق يترتب عليه تبعات مالية، يُلزم بها الأزواج: فيه يحل
المؤجل من الصداق إن وجد، وتجب النفقة للمطلقة مدة العدة، وتجب المتعة لمن تجب لها
من المطلقات، كما يضيع على الزوج ما دفعه من المهر، وما أنفقه من مال في سبيل
إتمام الزواج، وهو يحتاج إلى مال جديد لإنشاء زوجية جديدة، ولا شك أن هذه التكاليف
المالية التي تترتب على الطلاق، من شأنها أن تحمل الأزواج على التروي، وضبط النفس،
وتدبر الأمر قبل الإقدام على إيقاع الطلاق، فلا يقدم عليه إلا إذا رأى أنه أمر لا
بد منه ولا مندوحة عنه.
أما الزوجة فإنه لا يصيبها من مغارم الطلاق المالية شيء، حتى يحملها على
التروي والتدبر قبل إيقاعه – إن استطاعت – بل هي تربح من ورائه مهراً جديداً، وبيتاً جديداً، وعريساً جديداً.
فمن الخير للحياة الزوجية، وللزوجة نفسها أن يكون البت في مصير الحياة
الزوجية في يد من هو أحرص عليها وأضن بها.
والشريعة لم تهمل جانب المرأة في إيقاع الطلاق، فقد منحتها الحق في
الطلاق، إذا كانت قد اشترطت في عقد الزواج شرطاً صحيحاً، ولم يف الزوج به، وأباحت
لها الشريعة الطلاق بالاتفاق بينها وبين زوجها، ويتم ذلك في الغالب بأن تتنازل
للزوج أو تعطيه شيئاً من المال، يتراضيان عليه، ويسمى هذا بالخلع أو الطلاق على
مال، ويحدث هذا عندما ترى الزوجة تعذر الحياة معه، وتخشى إن بقيت معه أن تخل في
حقوقه، وهذا ما بينه الله تعالى في قوله:﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا
إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ
حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ (229)﴾ (البقرة)
ولها طلب التفريق بينها وبينه، إذا أُعسر ولم يقدر على الإنفاق عليها،
وكذا لو وجدت