لقد قال تعالى يعدد نعمه على عباده:﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ
فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ
أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)﴾ (فصلت)، فأقوات العباد مقدرة، وهي
مبثوثة في كل الأرض، وقد اختص الخالق عز وجل كل جزء منها بثروة تكفي ساكنيها وتسد
احتياجاتهم.
قال يونسيف: ولكن.. ألا ترى أن هذا الوعد قد تخلف مرات كثيرة.. فكم ضربت
المجاعات البشر.. وهي لا تزال تضربهم؟
قال أسامة: ذلك يعود للبشر.. لا لرب البشر.. فرب البشر أرحم بعباده من أن
يقتلهم بالجوع، وهو يملك خزائن كل شيء.
قال يونسيف: فما تقول في المجاعات؟
قال أسامة: سل عنها الإنسان.. ذلك الذي راح بجشعه يرمي القمح في البحار
في الوقت الذي يموت فيه إخوانه من البشر جوعا.. لعلك تعلم ذلك.
ولعلك تعلم ما يقوله الخبراء من أن تهديد العالم الثالث بنضوب الثروات
أكذوبة كبرى، فالخطر الحقيقي كامن في سوء استخدام الثروات والكنوز التي تفيض بها
الأراضي البكر.. وسوء التخطيط لتطوير إنتاجي أفضل.. وبينما تنقل هذه الخامات إلى
بلاد الغرب وتنهب، ثم تعيد تصديرهما للأمم المترفة الاستعمارية لا يحصل أصحاب هذه
الثروات إلا على الفتات.
ولعلك تعلم كذلك أن الأبحاث الحديثة تتحدث عن ظاهرة الانحسار السكاني في
الغرب، وتصفها بأنها ظاهرة مخيفة وخطيرة تقلق الخبراء الاجتماعيين والسياسيين
ورجال الأعمال، فأمريكا تتجه نحو حالة الصفر في النمو السكاني. فهي تقف الآن في
النقطة التي يكون فيها عدد المواليد مساوياً لعدد الوفيات.. وتتحدث الأبحاث عن هذا
الخطر الهائل الذي يتهدد الولايات المتحدة والدول الغربية على بعد بضعة أجيال، مما
يؤدي إلى انخفاض القوة