نام کتاب : أنبياء يبشرون بمحمد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 176
كثيرا
ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه، وكان إذا سلم سلم ثلاثا، وكان طويل السكوت لا
يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصل لا
فضول ولا تقصير، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه،
وإذا كره الشيء عرف في وجهه، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا، وكان جل ضحكه
التبسم، بل كله التبسم فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكان يضحك مما يضحك منه
وهو مما يتعجب من مثله، ويستغرب وقوعه ويستندر)[1]
ومثل هذا
كان بكاؤه a، فقد (كان
من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق ورفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع
عيناه حتى تهملا ويسمع لصدره أزيز)
ومما
يدلك على انطباق هذا الوصف على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن أهل الكتاب ذكروا هذه الصفات عنه في كتبهم، وأقروا
بانطباقها عليه، وقد روي من ذلك عن عطاء بن يسار، قال: لقيت عبد الله بن عمرو
فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في التوراة. قال: أجل والله، إنه لموصوف في التوراة كصفته في
القرآن: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزًا للأميين، أنت
عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخَّاب في الأسواق، ولا يجزي
بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن
يقولوا: لا إله إلا الله ويفتح به قلوبا غُلفا، وآذانًا صمًا، وأعينًا عميًا)[2]
بل إن
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وصف
حديثه، فقال: (إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم،
وترون أنه منكم قريب، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم، وتنفر
منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه)[3]
[1] زاد المعاد: 1/174، انظر
التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا في رسالة (النبي الإنسان) من هذه السلسلة.