أما قوله:
(سلطاناً للأمم)، فيحتمل أن يكون المراد منه المعنى المتبادر للذهن وهو السيادة
والقيادة، وقد تحققت له هذه على الأمم في حياته.
أما قوله:
(لتدعو الأمم الذين لم تعرفهم)، فقد تحقق ذلك بإرساله a الرسل والكتب إلى الملوك كهرقل
وكسرى والمقوقس وغيرهم ممن لا يعرفهم كما هو مشهور في كتب السنة والسيرة.
أما
قوله: تأتيك الأمم الذين لم يعرفوك هرولة وشداً، فمصداق ذلك في انضواء الأمم التي
لم تكن تعرفه من قبل، والتي لا تعد ولا تحصى تحت لوائه، والإذعان لأمره، كما أن
هذه البشارة لا تنطبق على الأنبياء قبله، لأنهم دعوا أقوامهم وهم يعرفونهم،
واستجابت لهم الأمم التي تعرفهم، أما محمد a فقد دعا من لم يعرفه، واستجاب له من لا يعرفه.
وبقية
النص تتعلق بالرحمة والمغفرة والتوبة، وهي معان ظاهرة في شريعته، ولا يمكن أن تكون
هذه البشارة دالة على اليهودية أو على المسيحية، لأن اليهودية تعتقد أنها دين خاص
ببني إسرائيل، وهذه البشارة قد تضمنت أنه يدعو الأمم، وتأتيه الأمم، وهذا يناقض
اعتقادها، زيادة على أن هذه البشارة تخبر أن صاحب هذه الرسالة يبشر بالتوبة
والمغفرة والرحمة، وهذا يخالف اعتقاد اليهود والمسيحيين: فاليهود تعتقد أن من حق
الكاهن المغفرة ومحو الخطايا، كما أن المسيحية تعتقد أن البشرية كانت مثقلة
بالخطيئة الموروثة التي رفعت عنهم بعد صلب المسيح، ثم غفلت النصرانية عن كونها محت
الخطيئة الموروثة فمنحت رجال الدين حق مغفرة الخطايا.
ومنها
قول إشعياء مخاطباً هاجر عليها السلام وبلادها وهي مكة: (قومي وأزهري مصباحك فقد
دنا وقتك، وكرامة الله طالعة عليك، فقد تخللت الأرض الظلام، وغطي على
نام کتاب : أنبياء يبشرون بمحمد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 212