فكسر ثلثها، وبرقت برقة فخرج نور من قبل اليمن فأضاء ما بين
لابتي المدينة حتى كأن مصباحا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله a وقال:(أعطيت مفاتيح اليمن، إني
لابصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة، كأنها أنياب الكلاب)، ثم ضرب الثانية فقطع
ثلثا آخر، وبرق منها برقة فخرج نور من قبل الروم فأضاء ما بين لابتي المدينة فكبر
رسول الله a وقال:
أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لابصر قصورها الحمر من مكاني الساعة.
ثم ضرب الثالثة، فقطع بقية الحجر وبرق برقة من جهة فارس أضاءت
ما بين لابتي المدينة، فكبر رسول الله a وقال:(أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لابصر قصور الحيرة ومدائن
كسرى كأنها أنياب الكلاب من مكاني هذا، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها،
فأبشروا بالنصر.
فاستسر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعد صادق، بأن وعدنا النصر
بعد الحصر، وجعل يصف لسلمان، فقال سلمان: صدقت يا رسول الله a، هذه صفته، أشهد أنك رسول الله.
ثم قال رسول الله a:(هذه فتوح يفتحها الله تعالى بعدي يا سلمان، لتفتحن الشام،
ويهرب هرقل إلى أقصى مملكته، وتظهرون على الشام فلا ينازعكم أحد، وليفتحن هذا
المشرق، ويقتل كسرى فلا يكون كسرى بعده)، قال سلمان: فكل هذا قد رأيت[1].
ومن مشاركته a لأصحابه ـ التي هي رعيته ـ أنه كان يذوق من الجوع ما يذوقون،
بل يذوق أعظم مما يذوقون[2]، ففي غزوة الخندق قال أبو طلحة:
شكونا إلى رسول الله a
الجوع، فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله a عن حجرين.
وكان a آخر من يأكل إذا ما دعوا إلى أي أكل، فعن أبن عباس: أن جابرا
رأى رسول الله a
[1] سبق تخريج الحديث
بتفاصيله، وانظر رسالة (معجزات حسية) من هذه السلسلة.