وتلقفه من هؤلاء رسامون راحوا يسخرون من معلم السلام ليحولوه
إلى قائد عصابة.
وتلقفه منهم روائيون راحوا يسخرون من معلم العفاف والزهد
ليحولوه إلى زير نساء.
وتلقفه منهم سياسيون راحوا يحولون من معلم العدالة والشورى
والحرية ليرسموا بدله صورة نيرون ولينين وأتاترك.
وتلقفه منهم رجال دين، طرحوا وقارهم، ورموا صلبانهم وكتبهم
المقدسة، ليحولوا من المعراج الذي يعرج به إلى الله، ومن المرآة التي تتجلى فيها
حقائق الأزل، ومن النور الذي يهتدى به.. إلى دجال ينصب الشراك، ويضع الأساطير،
ويملأ الدنيا بالكفر والإلحاد والظلمات..
وتلقفه منهم رجال دنيا أصحاب بطون منتفخة.. راحوا يسقطون صور
جشعهم وحرصهم واستغلالهم على رسول الله a، ليحولوا من الزاهد الكريم الراغب في الله إلى حريص بخيل راغب
في جيوب الناس.
وتلقفه منهم جامدون راحوا يصفون رسول الله a بالجمود..
وتلقفه منهم منغلقون راحوا يصفون رسول الله a بالانغلاق..
وتلقفه منهم مستكبرون راحوا يصفون رسو الله a بالاستكبار..
ولا زال المتلقفون يتلقفون.. ولا زالت الأقلام المملوءة بالحبر
المدسوس في محبرة النفوس المدنسة يسيل.. ولا زالت الخطب.. ولا زالت الأفواه
المنجسة بهجاء الشمس..
لا زال كل هؤلاء.. ولا زال هناك من يمدهم بكل شيء..
وضعت يدي على رأسي.. وقد ركبتني الهموم على هذه البشرية التي لا
تتقن شيئا كما تتقن سب الشمس..
بينما أنا كذلك إذا بي أسمع ولدي في الغرفة المجاورة يردد قصيدة
لأبي العتاهية، يقول فيها: