أرى الناسَ قد أُعْروا ببغْيٍ وريبةٍ
وغيٍ إِذا ما ميزَ الناسَ عاقلُ
وقد لزموا معنى الخِلافِ فكلهمْ
إِلى نحوِ ما عابَ الخليفةَ مائلُ
إِذا ما رَأَوا خَيراً رَمَوهُ بظنةٍ
وإِن عاينوا شراً فكُلُّ مناضلُ
وإِن عاينوا حَبْراً أديباً مهذباً
حَسيباً يقولوا إِنه لمُخاتِلُ
وإِن كانَ ذا ذِهْنٍ رَمَوه ببدْعَةٍ
وسَمَّوهُ زنديقاً وفيه يُجادلُ
وإِن كانَ ذا دينٍ يسموه نَعجةً
وليس له عَقْلٌ ولا فيه طائلُ
وإن كانَ ذا صمتٍ يقولون صُورةٌ
ممثلة بالعَيِّ بل هو جاهلُ
وإِن كانَ ذا شرٍ فويلٌ لأمهِ
لما عنهُ يَحْكي من تَضُمُّ المحافلُ
وإِن كانَ ذا أصلٍ يقولون إِنما
يفاخرُ بالموتى وما هو زائلُ
وإِن كانَ ذا مَجهولاً فذالك عندهم
كبيضِ رمالٍ ليس يُعرفُ عاملُ
وإِن كان ذا مالٍ يقولون مالهُ
من السُّحْتِ قد رابني وبئسَ المآكلُ
وإِن كانَ ذا فقرٍ فقد ذَلَّ بينهم
حقيراً مهيلاً تَزْدريهِ الأرذالُ
وإِن قنعَ المسكينُ قالوا لقِلةٍ
وشحةِ نفسٍ قد حَوَتْها الأناملُ
وإِن هو لمك يقنعْ يقولون: إِنما
يطالبُ من لم يُعْطهِ ويُقاتلُ
وإِن يكسبْ مالاً يقولوا: بهيمةٌ
أتاها من المقدور حَظٌ ونائلُ
وإِن جادَ قالوا: مُسْرِفٌ ومبذرٌ
وإِن لم يَجُدْ قالوا: شَحيحٌ وباخلُ
وإِن صاحبَ الغِلْمانَ قالوا: لريبةٍ
وإِن أجمعوا في اللفظِ قالوا: مباذلُ
وإِن هَوِيَ النسوانَ سموه فاجراً
وإِن عَفَّ قالوا: ذاك خُنْثى وباطلُ
وإِن تابَ قالوا: لم يَتُبْ، منه عادةٌ
ولكن لإِفلاسٍ وما تَمَّ حاصلُ
وإِن حَجَّ قالوا: ليس للّهِ حَجَّهُ
وذاكَ رياءٌ أنتجتْه المحافلُ