وعن البراء سأله رجل من قيس: أفررتم عن رسول الله a يوم حنين؟ فقال البراء: ولكن رسول
الله a لم
يفر، كانت هوازن ناسا رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، وأكببنا على الغنائم،
فاستقبلونا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله a على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان
بن الحارث آخذ بلجامها، وهو يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)[1]
وعن عمران بن حصين قال: ما لقي رسول الله a كتيبة إلا كان أول من يضرب[2].
التفت الحكيم إلى دوج، وقال: هذه بعض الدلائل على ما كان عليه
رسول الله a من
احترام لرعيته الذين ولي أمرهم.. ولو قعدت أفصل لك ما يدل على هذه الأدلة ما خرجنا
من هنا[3].
ثم التفت إلى الجمع، وقال: هل يكفيكم ما ذكرنا من أدلة؟
قال رجل من الجمع: لقد كان يكفينا أقل مما ذكرت.. وقد صدقت، فلم
نر زعيما في الدنيا مهما كان متواضعا، يبلغ به تواضعه لمن يتزعم عليهم إلى تلك
الدرجة.
استشارته للرعية
لم يجد نيكولاس في ذلك الموقف إلا أن قال: لا ينفي ما ذكرته من
احترام محمد لمن تولى عليهم كونه مستبدا.. ذلك أن المستبد قد يفعل ذلك من باب كسب
القلوب، ثم هو بعد ذلك يمارس ما يمليه عليه استبداده من تصرفات.