ذلك منتهى الرحمة والحكمة والعدالة.. فالله برحمته لا يفرض
علينا فرائضه كما يفرضها الملوك الذين يشتهون التسلط على غيرهم.. بل إن الله
يأمرنا بما يرحمنا به، وبما ينفي وصول مضرة لنا.
لقد ذكر القرآن الكريم كثيرا هذا، فقد ذكر مثلا حكمة اعتزال
النساء في المحيض وذكر أنها دفع الأذى قال تعالى:﴿ وَيَسْأَلونَكَ عَنِ
الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة:222)
وذكر حكمة تحريم الخمر، وأنه مع ما فيها من المنافع المتوهمة
تحوي أضرارا أخطر من منافعها، قال تعالى:﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا
أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة:219)، ثم فصل في ذكر المضار الكثيرة التي
استدعت تحريمها، فقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ
أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ (المائدة:90-91)