فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على
الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله تعالى ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن
يأكلوا منها تمرة واحدة إلا قرى أو بيعا، أفحين أكرمنا الله تعالى بالاسلام،
وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا!؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم
إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم.
فقال رسول الله a: أنت وذاك.
فتناول سعد بن معاذ الصحيفة، فمحا ما فيها من الكتاب، ثم قال:
ليجهدوا علينا[1].
سكت قليلا، ثم قال: وفي حصاره الطائف.. وبعد أن مضت خمس عشرة من
حصارها، استشار رسول الله a نوفل بن معاوية الديلي، فقال:(يا نوفل ما ترى في المقام عليهم)،
فقال: يا رسول الله ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك[2].
وقد أخذ رسول الله a برأيه، وأمر الناس بالرجوع.
قال ذلك، ثم التفت إلى نيكولاس، وقال: ها أنت ترى أن محمدا a لا يبت أمرا من أمور الحرب، والتي
هي أخطر الأمور، إلا استشار فيه، بل يتنازل عن رأيه لما يراه غيره.. فهل يمكن
لمستبد أن يفعل مثل هذا؟
قال نيكولاس: لقد وعيت هذا، وتقبلته، ولكن ألا ترى نبيكم يستشير
الرجل فقط، ولا
[1] رواه ابن إسحق وغيره،
وقد روي أن غطفان هي التي طلبت المصالحة، فقد روى البزار والطبراني عن أبي هريرة
قال: جاء الحارث إلى رسول الله a، فقال: يا محمد ناصفنا تمر المدينة وإلا ملاتها عليك خيلا
ورجالا، فقال: حتى أستأمر السعود: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، وسعد بن الربيع،
وسعد بن خيثمة، وسعد بن مسعود، فكلمهم رسول الله a في ذلك، فقالوا: لا، والله ما
أعطينا الدينة في أنفسنا في الجاهلية، فكيف وقد جاء الله تعالى بالاسلام، فرجع إلى
الحارث فأخبره، فقال: غدرت يا محمد.
[2] رواه محمد بن عمر،
وانظر تفاصيل الحصار والحكمة من الرجوع في فصل (حروب) من هذه الرسالة.