عتبة بن ربيعة[1]، فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم
إليه فكلمه.
فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله a، فقال:(يا ابن أخي إنك منا حيث قد
علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به
جماعتهم وسفهت أحلامهم وعبت آلهتهم ودينهم وكفرت من مضى من آبائهم.. فتكلم نسمع
قولك، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا وأشتت أمرنا
وعبت ديننا وفضحتنا في العرب، حتى طار فيهم أن في قريش ساحرا وإن في قريش كاهنا
والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا بعضا إليك بالسيوف حتى نتفانى.
لما رأى صمت رسول الله a وعدم إجابته له، قال: أيها الرجل،
فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها، فقال له رسول الله a:(قل أبا الوليد أسمع)
فقال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر
مالا جمعناه لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به الشرف سودناك
علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي
يأتيك رئيا لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطلب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئكك
منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه.
حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله a يسمعه منه قال له: أقد فرغت أبا
الوليد؟ قال: نعم، قال: فاسمع مني، قال: أفعل.
فراح رسول الله a يقرأ من سورة فصلت، فلما سمعه عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف
ظهره معتمدا عليهما، فسمع منه إلى أن بلغ قوله تعالى:﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا
فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ
[1] وعند ابن إسحاق وابن
المنذر عن محمد بن كعب القرظي: أن عتبة بن ربيعة قال يوما، وكان جالسا في نادي
قريش، والنبي a جالس في المسجد وحده:
يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه
أيها شاء ويكف عنا، وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله a يزيدون ويكثرون.