رسول الله a وهو فزع ووجهه يقطر عرقا، وحفصة تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت:
إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما
والله ما يحل لك هذا يا رسول الله، فقال: والله، ما صدقت: أليس هي جاريتي، قد
أحلها الله تعالى لي، أشهدك أنها علي حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري لا تخبري بذلك
امرأة منهن، فهي عندك أمانة.
فلما خرج رسول الله a قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشري، إن
رسول الله a قد حرم
أمته، فقد أراحنا الله منها.
فأنزل الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ
مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ﴾ (التحريم:1)، ثم قرأ رسول الله a:﴿ وَإِنْ تَظَاهَرَا
عَلَيْهِ﴾ (التحريم:4)، فهي عائشة وحفصة، وزعموا أنهما كانتا لا تكتم
إحداهما للأخرى شيئا، وكان لي أخ من الانصار إذا حضرت، وغاب في بعض ضيعته، حدثته
بما قال رسول الله a
وإذا غبت في بعض ضيعتي، حدثني فأتاني يوما وقد كنا نتخوف جبلة بن الايهم الغساني،
فقال: ما دريت ما كان؟ فقلت: وما ذاك؟ لعله جبلة بن الايهم الغساني، تذكر قال: لا
ولكنه أشد من ذلك إن رسول الله a صلى صلاة الصبح، فلم يجلس كما كان يجلس، ولم يدخل على أزواجه
كما كان يصنع، وقد اعتزل في مسربته، وقد ترك الناس يموجون ولا يدرون ما شأنه،
فأتيت والناس في المسجد يموجون ولا يدرون فقال: يا أيها الناس كما أنتم.
ثم أتى رسول الله a وهو في مسربته، قد جعلت له عجلة، فرقى عليها، فقال لغلام له
أسود ـ وكان يحجبه ـ: استأذن لعمر، فاستأذن لي فدخلت ورسول الله a في مسربته فيها حصير وأهب معلقة
وقد أفضى بجنبه إلى الحصير، فأثر الحصير في جنبه وتحت رأسه وسادة من أدم محشوة
ليفا، فلما رأيته بكيت، قال: ما يبكيك؟ قلت يا رسول الله، فارس والروم أحدهم يضطجع
في الديباج والحرير، فقال: إنهم عجلت لهم طيباتهم، والآخرة لنا، ثم قلت: يا رسول
الله، ما شأنك؟ فإني قد تركت الناس يموج بعضهم في بعض، فعن خبر أتاك فقال: