فمع أن هذا الإخبار لا يحوي أي غرابة بالنسبة للعقل الذي يعلم
قدرة الله التي لا تحدها الحدود إلا أنه كان فتنة كبيرة للعقول البسيطة المحدودة،
وقد روي أنه لما لما نزلت الآيات التي ذكرت شجرة الزقوم[1] قال كفار قريش:(ما نعرف هذه
الشجرة، فقدم عليهم رجل من إفريقية فسألوه)، فقال:(هو عندنا الزُبد والتمر)، فقال
ابن الزبعري:(أكثر الله في بيوتنا الزقوم)، فقال أبو جهل لجاريته:(زقمينا) ؛ فأتته
بزبد وتمر، ثم قال لأصحابه:(تزقموا؛ هذا الذي يخوفنا به محمد؛ يزعم أن النار تنبت
الشجر، والنار تحرق الشجر)
قال: ومثل هذا الفتن الكثيرة التي تجعل من الحقائق شبهات عظيمة ينظر
إليها الغافلون بأعينهم المحجوبة عن الحق، فلا يرون إلا الظلمات.
قلت: أبهذا تبرر وجود الفتن التي تقف العقول دون إدراك أسرارها؟
قال: أجل.. ولكن هذا ليس تفسيري.. بل هو تفسير الله.. فالله هو الذي
يختبر عباده ليتميز الخبيث من الطيب.. لقد ذكر الله ما فتن به ثمودا، فقال:﴿ إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً
لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ﴾ (القمر:27)
فقد كانت الناقة التي عمقت إيمان المؤمنين فتنة للجاحدين..
فتميز الخبيث من الطيب.