شيئا أبدا فيقول: لا، فقال: (نعم)، فأعطاه الجبة[1].
هذا كله إذا وجد، فإذا لم يجد تكلف كل السبل ليرضي من سأله، فلا
يذهب إلا راضيا:
عن عمر قال: جاء رجل إلى النبي a فقال: ما عندي شئ أعطيك، ولكن
استقرض، حتى يأتينا شئ فنعطيك، فقال عمر: ما كلفك الله هذا، أعطيت ما عندك، فإذا
لم يكن عندك فلا تكلف، قال: فكره رسول الله a قول عمر، حتى عرف في وجهه، فقال
الرجل: يا رسول الله، بأبي وأمي أنت، فأعط، ولا تخش من ذي العرش إقلالا، فتبسم وجه
رسول الله a وقال:
(بهذا أمرت) [2]
وعن أبي عامر عبد الله قال: لقيت بلالا مؤذن النبي a بحلب، فقلت: حدثني كيف كانت نفقة
النبي a، فقال:
ما كان له شئ من ذلك، إلا أني الذي كنت آتي ذلك منه منذ بعثه الله تعالى، إلى أن
توفي، فكان إذا أتاه الإنسان، فرآه عاريا يأمرني فأنطلق، فأستقرض، فأشتري البردة،
والشئ، فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من المشركين، فقال: يا بلال إن عندي سعة،
فلا تستقرض من أحد إلا مني، ففعلت، فلما كان ذات يوم توضأت، ثم قمت لأؤذن بالصلاة،
فإذا المشرك في عصابة من التجار، فلما رآني قال: يا حبشي قلت: لبيك، فتجهمني، وقال
قولا غليظا، فقال: ألا ترى كم بينك وبين الشهر؟ قلت: قريب، قال: إنما بينك وبينه
أربع ليال، فآخذك بالذي عليك، فإني لم أعطك الذي أعطيتك من كرامتك، ولا من كرامة
صاحبك، ولكن أعطيتك لتصير لي عبدا، فأذرك ترعى الغنم، كما كنت قبل ذلك، فأخذ في
نفسي ما يأخذ في أنفس الناس، فانطلقت، ثم أذنت بالصلاة، حتى إذا صليت العتمة، رجع
رسول الله a إلى
أهله، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إن المشرك الذي
قلت لك إني كنت أتدين منه قد قال كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عني، ولا عندي، وهو