الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم
بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت
أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه،
ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. ثم دعا بكتاب رسول الله a الذي بعث به إليه مع دحية بن خليفة
الكلبي فقرأه، قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده
الصخب، وارتفعت الأصوات فأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي
كبشة؛ أنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام)[1]
وعنه قال: لما نزلت:﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
الْأَقْرَبِينَ﴾ (الشعراء:214) صعد رسول الله a على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر
يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي
تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقاً، قال: فإني
نذير لكم بين يدي عذاب شديد، قال أبو لهب: تبّا لك يا محمد ألهذا جمعتنا
فنزلت:﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ (المسد:1)[2]
وعن عبد الله بن سلام قال: (لما قدم النبي a المدينة كنت ممن انجفل، فلما تبينت
وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فسمعته يقول:(أفشوا السلام وأطعموا الطعام،
وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)[3]
ومن الأعداء الذين شهدوا لرسول الله a رغم عداوتهم الشديدة النضر بن
الحارث الذي خاطب قومه قائلا:(يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما ابتليتم
بمثله، ولقد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً، أرضاكم عقلاً، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم
أمانة، حتى إذا رأيتم فى