قال فرانكلين: كيف ذلك.. ونحن لم نر الملائكة ولا الجنة ولا
النار.
قال الحكيم: لو رأيت كل ذلك لارتفع التكليف عنك.. لقد قال
تعالى:﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ
عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ
لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا
(22)﴾ (الفرقان)
قال فرانكلين: فكيف يشهد الواقع لمحمد إذن.. أم أنك تريد مني
ثقة عمياء؟
قال الحكيم: استدل بما شهد له الواقع على ما لم يشهد.
قال فرانكلين: كيف ذلك؟
قال الحكيم: حينما استبعد المشركون بعقولهم الضيقة إمكانية
البعث استدل الله لهم عن ذلك الغيب المكنون بالواقع المشهود، فقال:﴿
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ
رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ
خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا
فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ
الْعَلِيمُ (81)﴾ (يس)
لقد استدل الله لهذا الأحمق الذي استبعد أن يحيي الله العظام
بأن الله هو الذي أنشأها أول مرة وهو الذي أنشأ كل شيء.. فكيف يستبعد منه أن يحيي
الموتى.
قال فرانكلين: وما علاقة هذا بما نحن فيه؟
قال الحكيم: أنت تختصر ما جاء به محمد a في الغيب الذي لا يمكن أن نراه ما
دمنا في هذه الدنيا.. وتريد من خلال ذلك أن تبين استحالة برهنة الواقع على صدق
محمد a، وفي
ذلك مغالطة عظمى..
قال فرانكلين: كيف تكون مغالطة.. وهي تعتمد منهجا عقليا محترما.
قال الحكيم: ولكنها تصور أن ما جاء به محمد a مقتصر على ذلك الغيب.. إن ما جاء