التفت الحكيم إلى فرانكلين، وقال: هل يمكن لمحتال أن يقول
هذا؟.. وهل سمعت محتالا في الدنيا يستدعي الله ليشهد له على صدقه؟.. ثم كيف ترى
الله يسكت على إشهاد محمد له هذه الشهادات ثم لا ينتقم منه؟
لم يجد فرانكلين ما يجيب به، فقال الحكيم: هذه شهادة واحدة من
الشهادات.. والقرآن مليء بمثلها.. ولن أطيل عليك بقراءتها.. ولكني أنصحك أن تقرأ
القرآن من أوله إلى آخره، وأنت متجرد من فكرة الاحتيال، فإنك لا بد أن تبصر
الحقيقة أسطع من ضوء الشمس.
قال فرانكلين: فأنت تريد مني أن أقرأه وأنا أصدق أنه كلام
الله.. أو تريد مني أن أعلن الشهادتين ثم أقرؤه؟
قال الحكيم: لا أطلب منك هذا ولا ذاك.. ولكني أطلب منك أن تسمع
كلام المتهم وأنت تحمل في نفسك احتمالا بأن المتهم الواقف أمامك قد يكون بريئا مما
ألصق به من تهم؟
قال فرانكلين: وما يجديه ذلك؟
قال الحكيم: بل يجديه ذلك كما يجديك ذلك.. فالحقيقة تتطلب منا
موضوعة وحيادا.. والموضوعية والحياد كما تكون في القبول تكون في الرفض، فلا يحق لك
أن تنطلق من رفض الحقائق لتصل إلى قبولها.
قال فرانكلين: أليس الشك مبدأ اليقين؟
قال الحكيم: ولكن الشك إن لبس لباس التهمة قد يسيء إلى الحقائق،
ويضع الحجب دون فهمها.
سكت قليلا، ثم قال: دعنا نعود إلى استشهاد الوحي.. لنرى كيف بدأ
الوحي لرسول الله a..
ونرى معه إمكانية ادعاء رجل في مثل صدق محمد مثل هذه الدعوى.
لقد ورد في الحديث: أول ما بدئ به رسول الله a من الوحى الرؤيا الصالحة فى