لقد كان النبي a يتحرق شوقا إلى تحويل القبلة إلى الكعبة، وظل يقلب وجهه في
السماء ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، لعل الوحي ينزل عليه بتحويل القبلة إلى
البيت الحرام ، ولكن الله تعالى لم ينزل في هذا التحويل قرآنا، على الرغم من تلهف
رسوله الكريم إليه إلا بعد قرابة عام ونصف العام.
ففي الحديث: كان رسول الله a صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو
سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله a يحب أن يوجه إلى الكعبة،فأنزل الله تعالى:﴿ قَدْ نَرَى
تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ
الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ (البقرة:144)
ولو كان الوحي من تأليف النبي a، لما تأخر كل هذه المدة لشيء يحبه
ويشتهيه ويتشوف إليه ويتحرق شوقا له، ولكنه وحي الله ولا ينزل إلا بأمر الله وإذنه.
التفت إلى فرانكلين، وقال: هل يمكن للمحتال ألا يفهم ما يقوله
بحيث ينتظر أن يشرح له، أو يفصل، أو يبين؟
سكت فرانكلين، فقال الحكيم: إن الذي استطاع أن يؤلف كل تلك
المسرحية الطويلة التي تزعمها لا يستحيل عليه مثل هذا، ولكن النبي a لم يكن يدرك في بعض الأحيان بيان
بعض ما يوحى إليه إلى أن يوحى إليه بتفسيره.
سأضرب لك أمثلة عن هذا:
عندما نزل قوله تعالى:﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي
أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ (البقرة:284) انزعج الصحابة انزعاجا شديدا،
وداخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء آخر ؛ لأنهم فهموا منها أنهم سيحاسبون على
كل شيء حتى حركات القلوب وخطراتها؛ فقالوا: يارسول الله أنزلت علينا هذه الآية ولا
نطيقها، فقال لهم النبي a:(أتريدون أن تقولوا