متبناه، فأراد الله سبحانه إبطال هذه العادة، كما أبطل نسبة
الولد إلى غير أبيه، فأخبر رسوله a أنه سيزوجه من زينب بعد أن يطلقها زيد لتكون هذه السنة مبطلة
لتلك العادة، ولكن النبي a أخفى في نفسه ما أخبره به الله.
وكان كلما شكا إليه زيد تعذر الحياة مع زينب قال له ـ كما نص
القرآن ـ:﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾ (الأحزاب:37)
مراعياً في هذا كراهية القوم لزواجه منها حين يطلقها زيد.
التفت إلى فرانكلين، وقال: هل يمكن لرجل في الدنيا يحب امرأة
حبا شديدا، ثم لا يتمنى طلاقها من زوجها ليتزوجها هو بدله؟
سكت فرانكلين، فقال الحكيم: لقد ظل رسول الله a يخفي ما قدر الله إظهاره حتى طلقها
زيد.. فأنزل الله في هذا قرآناً، يكشف عما جال في خاطر الرسول a ويقرر القواعد التي أراد الله أن
يقوم تشريعه في هذه المسألة عليها.
وهكذا أنفذ الله شريعته وأحكمها، وكشف ما خالج خاطر رسول الله a من كراهية القوم لزواجه من مطلقة
دعيه.
إن شئت أن تتأكد مما ذكرت لك، فاقرأ ما ورد في شأنها في القرآن
الكريم من المقدمات السوابق، والمتممات اللواحق، والتي تجعل من هذه الحادثة مادة
تربوية وتشريعية عميقة.. لقد قال الله تعالى في بداية السورة التي وردت فيها حاثا
النبي a على أن
يجعل طاعته خالصة لله وحده لا يؤثر فيها مؤثر آخر مهما كانت درجته:﴿ يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ
رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)﴾(الأحزاب)، وفي نفس السورة نجد هذه
الآية التي تحث على اقتصار المؤمن على مراعاة جانب الله قبل أي جانب آخر قال
تعالى:﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا
يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)﴾
(الأحزاب)