قال الحكيم: فلنبدأ بالأمراض العصبية.. فقد ذكرت بأن هناك من
اعتبر النبي a مصابا
بالصرع[1]..
قال جيري فاينز: ذلك صحيح.. ولقوله الدلائل الكثيرة في حياة
محمد.
قال الحكيم: قبل أن أجيبك بما يقتضيه المنطق أجيبك بما ذكره بعض
قومك، اسمع لما يقول المستشرق الطبيب ماكس مايرهوف[2] الذي قال ردا على من نسب هذا المرض
لمحمد a:(أراد
بعضهم أن يرى فى محمد رجلاً مصاباً بمرض عصبى أو بداء الصرع، ولكن تاريخ حياته من
أوله إلى آخره، ليس فيه شئ يدل على هذا، كما أن ما قام به فيما بعد من التشريع
والإدارة يناقض هذا القول)[3]
ومثله قال (بودلي) في كتابه (الرسول حياة محمد) مفندا هذا
الزعم:(لا يصاب بالصرع من كان في مثل الصحة التي كان يتمتع بها محمد حتى قبل وفاته
بأسبوع واحد[4]، وإن
[1] الصرع مرض عضوي عصبي
يظهر على هيئة نوبات تصيب الشخص، وفيها يفقد الوعي ويسقط أرضاً ثم تظهر لدية حركات
تشنجية منتظمة في أجراء مختلفة من جسمه أو أعراض أخرى.
وللصرع أسباب متعددة منها التغيرات التي تظهر على شكل إفرازات كهربائية
غير طبيعية في المخ، والعوامل الوراثية، ووجود عيوب خلقية بالمخ، وقد تؤدي إصابات
الرأس والتهابات المخ إلى الصرع في جميع الأعمار.
[2]مستشرق ألمانى، من كبار
أطباء العيون العالميين، وفى طليعة مؤرخى الطب العربى، تعد اكتشافاته فيه، وكتابته
عنه، بالفرنسية والإنجليزية والألمانية، مرجعاً دقيقاً وافياً، سكن مصر، وانتخب
نائباً لرئيس المعهد المصرى، والجمعية الطبية المصرية. توفى بالقاهرة سنة 1945م.
انظر: الأعلام للزركلى 5/256، 257.
[3] الإسلام والرسول فى نظر
منصفى الشرق والغرب، أحمد بوطامى ص162.
[4]كان النبي a أصح الناس بدنا وأقواهم
جسما، وأوصافه التي تناقلها الرواة تدل على البطولة الجسمانية. وقد بلغ من قوته
أنه صارع ركانة بن عبد يزيد فصرعه، وكان ركانة هذا مصارعا ماهرا، ما قدر أحد أن
يأتي بجانبه إلى الأرض، ولما عرض عليه النبي a الدعوة قال: صارعني فإن أنت غلبتني
آمنت أنك رسول الله، فصارعه الرسول فغلبه، فقيل إنه أسلم عقب ذلك( التاريخ الكبير
رقم 1146) والمصاب بالصرع لا يكون على هذه القوة.