وعلى هذا الأسلوب من أساليب الوحي كان جبريل u يتنزل على محمد a متخذا صورة رجل، بحيث يراه النبى a وحده ويكلمه بما أراد فيعى عنه ما
يقول، ويدل على ذلك قوله a، لما سئل كيف يأتيك الوحى؟ قال:(وأحياناً يتمثل لى الملك رجلاً
فيكلمنى فأعى ما يقول)[1]
وقد يظهر الملك المتشكل فى صورة رجل للعيان، فيراه الناس
ويسمعون كلامه للنبى a، كما ورد فى الحديث أن جبريل u جاء للنبي a، وسأله عن الإيمان والإسلام
والإحسان والساعة، وفي نهايته قال a:(إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)[2]
ومن الأحوال النادرة لهذا النوع من الوحي أن يأتى جبريل u للنبي a فى صورته التى خلقه الله عليها،
وقد ورد في النصوص ذكر مرتين فقط لهذه الحالة[3].. والتي رأى فيها النبى a جبريل u على صورته الملائكية التى خلقه
الله عليها، له ستمائة جناح، كل جناح قد سد الأفق. مرتين:
أما المرة الأولى، فكانت فى الأرض، كما روي في الحديث أن رسول
الله a قال
ـ عند حديثه عن فترة الوحى ـ:(بينما أنا أمشى إذ سمعت صوتاً من السماء، فرفعت
بصرى، فإذا الملك الذى جاءنى بحراء جالس على كرسى بين السماء والأرض، فرعبت منه،
فرجعت، فقلت: دثرونى، وصبوا على ماء بارد، وأنزل الله على:﴿ يَا أَيُّهَا
الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)﴾ (المدثر)
[3] وهاتان الحالتان لم
تذكرا بصيغة الحصر، ولهذا لا نرى مانعا من أن يكون النبي a قد رأى جبريل u غير هاتين المرتين، وما
روي مرفوعاً:( لم أره على صورته التى خلق عليها إلا مرتين)، فهي إخبار منه a عن عدد المرات وقت
حديثه بالحديث.