قال جيري فاينز: ولكن الصور التي قدموا بها أكبر دليل على
صدقهم.
قال الحكيم: أنت ترى أن مصانع الفنون تبدع من الصور ما يحيل
الخيال حقيقة.. فهل تصدق كل ما ذكرته تلك المصانع؟
قال جيري فاينز: ولكن تلك المصانع لم تدع أن ما صنعته حقائق..
بل هي تحذر من اعتبارها حقائق.
قال الحكيم: فلم اعتبرت ما ذكره رواد الفضاء حقائق، وما ذكره
صانعو الأفلام خيالا؟
قال جيري فاينز: لقد صدقت كليها فيما ذكره عن نفسه.
قال الحكيم: فقد رجع الأمر إذن إلى أنك وثقت في الطرفين؟
قال جيري فاينز: ذلك صحيح.
قال الحكيم: فاستعمل نفس الأسلوب مع نبينا محمد a..
قال جيري فاينز: ولكنه لم يأت بأي صور.
قال الحكيم: لقد أتانا بحقائق أعظم بكثير من الصور.. وهي حقائق
لا يمكن لأي ذكي في الدنيا أن يجتنيها بذكائه، ولا لأي محتال أن يقتنصها بحيلته.
سكت جيري فاينز، فقال الحكيم: ومن الردود التي رد بها القرآن
الكريم على هذه الشبهة ذكره لعدم استشراف النبي a للنبوة.. فالنبي a لم يكن يستشرف للنبوة، وما كان
يرجوها، ولم يطمع فى حصولها له، بل لم يرد فى الأخبار الصحيحة أنه a يرجو أن يكون هو النبى المنتظر
الذى يتحدث عنه علماء اليهود والنصارى قبل البعثة، ولو ثبت ذلك عنه لما ترك
المحدثون تدوينه، وقد دونوا ذلك عن أمية بن أبى الصلت، لما كان يتوقع أن يكون
نبياً.
قال تعالى مقررا هذه الحقيقة:﴿ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو
أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ
ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ﴾ (القصص:86)، فما كان a يظن أن الوحى قبل إنزاله عليه،
ينزل عليه، وإنما أنزله الله رحمة به وبالعباد، فهو نعمة من الله وفضل.