انتفض نيقتاس، وقال: لا.. ليس إلهنا وإلهكم واحد[1].. لنا إلهنا الخاص، ولكم إلهكم
الخاص.. إن إلهكم ـ كما ذكره نيقتاس البيزنطي ـ ذو شكل كروي كامل، أو على شكل مطرقة معدنية
مطروقة في السماء[2].
ابتسم الحكيم، وقال: أرى أن نيقتاس قد نال منك كل منال، فلست
تسمع لغيره، ولست تروي لغيره.. ألا تعتبر ذلك انطواء؟
قال نيقتاس: ما دام نيقتاس يقول الحقيقة، فلا حرج علي في أن
أنطوي في ظله.
قال الحكيم: فلم تلوم إذن المسلمين إذا انطووا في ظل نبيهم؟..
ولم تعتبرهم منغلقين بذلك الانطواء؟
قال نيقتاس: لأن المسلمين ألغوا ألغوألغ
غيرهم، ولم يعترفوا لهم بوجود.
قال الحكيم: لا.. إن المسلمين هم الأمة الوحيدة في الأرض التي
تعترف بغيرها، وتحترم غيرها.. وتحترم مقدسات غيرها..
ألا ترى نيقتاس البيزنطي، وإخوانه يفترون على نبينا ما شاءت لهم
نفوسهم أن تفترى، بل يسبونه علنا، بل يتسابقون فيمن هو أطولهم لسانا على نبينا
بينما كل المسلمين
بجميع مذاهبهم يحترمون كل الأنبياء.. بل كل الشخصيات المقدسة في جميع الأديان..
لقد قرأت قوله تعالى:﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (آل عمران:85)، ونسيت أن تقرأ قبلها هذه الآيات التي تفسرها وتبين المراد منها..
سأقرؤها عليك.. قال تعالى:﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ
أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
(83)قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
[1] ذكرنا عند تعريفنا
لنيقتاس أنه يذهب إلى هذا، وأن هذا هو رأي الكثير من الحاقدين على الإسلام من
أمثال فرانكلين جراهام وجيري فاينز وغيرهما.
[2] انظؤ الرد المفصل على
الشبه المرتبطة بتصور المسلمين للألوهية في رسالة (الباحثون عن الله) من هذه
السلسلة.