قال نيقتاس: بل هي منزلته الحقيقية التي غفلتهم عنها، كما غفل
عنها غيركم.
قال الحكيم: ولكن.. هل تستيطع أن تجمع بين هذين المتناقضين،
فتعتقد بأن المسيح u بشر، وأنه يستحيل أن يكون إلها، أو أقنوما من إله.. ثم تعتقد في نفس
الوقت بأنه إله أو أقنوم من إله.
سكت نيقتاس، فقال الحكيم: ولهذا.. فإن المسلم ككل متدين في
العالم يحرص على اتباع ما اقتنع به، واعتقد صدقه.. وهذا الاقتناع والإذعان هو الذي
يسمى ولاء.
قال نيقتاس: والبراء؟
قال الحكيم: من والى شيئا تبرأ من ضده.. ومن أحب شيئا أبغض
عدوه.
قال نيقتاس: وبغضه هو الذي يجره إلى الانطواء.
قال الحكيم: في ديننا لا نعرف شيئا اسمه البغض..
قال نيقتاس: والبغض في الله.. أم تراك لم تسمع به.. فإن لم تسمع
به، فقد اعتبره نبيكم من علامات كمال الإيمان، فقال:(لا يحق العبد صريح الإيمان
حتى يحب لله ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله فقد استحق الولاية من
الله إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم)[1]
قال الحكيم: قبل أن أبين لك معاني المحبة التي ينطوي عليها هذا
النوع من البغض أذكر لك كلاما منطقيا لبعض علمائنا لترى من خلالها مدى منطقية هذا
النوع من البغض..
لقد قال الغزالي:(إن كل من يحب في الله لا بد أن يبغض في الله،
فإنك إن أحببت إنساناً لأنه مطيع لله ومحبوب عند الله فإن عصاه فلا بد أن تبغضه
لأنه عاص لله وممقوت عند الله،