الأبيض عبئاً ثقيلاً ويفرض عليه أن يغزو بقية العالم ويهزم
شعوبها ويبيد أعداداً منهم حتى يتم إدخال الحضارة عليهم.
التفت الحكيم إلى الجمع، وقال: هذه هي الرؤى الفلسفية التي تملأ
البيوت البيضاء والسوداء التي تحكم العالم.. وعلى أساس هذه الفلسفة سالت الدماء
الكثيرة التي لم يكن هناك من مبرر لسيلانها سوى هذه العنصرية المقيتة..
سكت قليلا، ثم قال: لن أحدثك عن فكر هتلر، ولا عن سلوكه
العنصري.. فالكل يعلم ذلك.. ولكني سأحدثك عن الأمة التي تتصور أنها شعب الله
المختار في العصر الحديث، وأنه يحق لها لأجل ذلك أن تفرض ما تشاء على من تشاء،
وتصنف من تشاء كما تشاء.
سأحدثك عن أمريكا، وعن
بيتها الأبيض المبني على جثث الهنود الحمر[1] ..
إن المراقب للتاريخ الأمريكي منذ بدأ التاريخ الأمريكي تصدمه
وقائع الطريقة التي تعامل بها الأمريكيون مع شعوب العالم الأخرى؛ إذ سرعان ما
يكتشف المرء أنه لا يوجد فرق كبير بين نظرة اليهود إلى (الجوييم)[2] أو الأمميين العوام المستباحي
الأرواح والدماء والأعراض، وبين نظرة الأنجلوساكسون إليهم، فكلا النظرتين تنطلقان
من مقولة أن هناك جنساً متفوقاً لا بد أن تخضع له الشعوب وتركع تحت رجليه الأمم بحيث
لا تكون لحياتها قيمة إلا بقدر ما تخدم (الشعب المختار)، ولا تكون لأرضها أهمية
إلا بقدر ما تمد ذلك الشعب بالخيرات، أما إذا تعارضت حياة أولئك (الأغيار) مع
المصالح العليا للشعب المختار، فلا ضرورة لهذه الحياة أصلاً، وأما إذا ما تجرأ أحد
منهم على تهديد حياة أحد من أبناء الشعب المختار، فإن قيامته لا بد أن تُعجَّل
بإحراق أو إغراق أو استرقاق أو أي وسيلة من وسائل
[1]انظر هذه التفاصيل
وغيرها في: أمريكا واسرائيل وعقدة الدم، د. عبد العزيز بن مصطفى كامل، وقد كنا
أشرنا إلى بعضها في رسالة (ثمار من شجرة النبوة)