وتجمد عيونهم على الآباء والأمهات والأولاد، فيخلفون الأمهات
ثكالى، والأزواج أيامى، والأولاد يتامى، عالة يتكففون الناس، ويتوجهون قاصدين
الصحراء، همهم الوحيد أن ينقذوا أنفسهم في الآخرة، لا يبالون ماتوا أو عاشوا، وحكي
(ليكي) من ذلك حكايات تدمع العين وتحزن القلب.
التفت الحكيم إلى بات روبرتسون، وقال: هل حدث ذلك في التاريخ
فعلا؟
سكت بات روبرتسون، فأجاب الحكيم نفسه: نعم.. ولا يمكنك إلا أن
تقول:(نعم).. فلندع هؤلاء الذين طواهم التاريخ.. ولنذهب إلى المسلمين في جميع
مراحل التاريخ.. ولننظر أثر علامة (قف).. و(سر) التي تركها محمد a.
لقد ولدت تلك العلامات التي سماها العلماء أحكاما شرعية حياة
منضبطة منظمة صالحة صحية لا يمكنك أن تقارنها بأي حياة لأي متدين في أي دين.
أخرج سواكا من جيبه، ثم قال: في الوقت الذي كان الرهبان فيه
يتبارون في الهرب من كل ما تتطلبه النظافة من متطلبات أمرنا نبينا بهذه الآلة
العجيبة التي تجمع بين كونها فرشاة أسنان، كأنعم ما تكون الفرشاة.. وبين أحسن
معجون للأسنان لم ير العالم مثله بعد في عالم الصناعة[1].
فهل ترى متطرفا ذلك الذي يحض أتباعه على النظافة والطهارة
والجمال؟
قال بات روبرتسون: ولكن تعاليم الإسلام تعاليم شديدة حتى ما
تعتبره طهارة منها فيه شدة وتكلف وتطرف.
قال الحكيم: إن جميع تعاليم الإسلام محكومة بضابطين كلاهما
يحرسانها من التطرف، وسأحدثك عنهما باختصار، وإلا فإن التفاصيل التي ترتبط بهما لا
يمكن استيعابها
[1] فالسواك من السنن التي
وردت بها النصوص الكثيرة، بل ربطه a بالعبادات، فقال:( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع
كل صلاة)( البخاري ومسلم)، وفي رواية:« عند كل وضوء »